ثلاثة مشاهد تعكس التفاوت
الكبير في تفكير نجوم الكرة عندناكتب : أنور عبدربه
أكثر من مشهد استوقفني هذا الأسبوع داخل الوسط الكروي وكان لكل منها دلالاته ومعانيه وان كان الاختلاف الذي يصل الي حد التناقض هو الفارق بين هذه المشاهد الكروية التي عكست صفات متناقضة ومواقف متباينة, وطرقا مختلفة في تفكير لاعبي كرة القدم المصريين وفقا لعقلية كل منهم ومدي اتساع مداركهم.
المشهد الأول.. مشهد مخز ويحمل الكثير من العار ونكران الجميل لنجم طالما أحبته الجماهير المصرية وليست جماهير النادي الأهلي وحدها.. وهو عصام الحضري الذي ضرب عرض الحائط بكل قواعد اللياقة والأصول والآداب العامة والأخلاق عندما أقدم علي خطوة أقل ماتوصف به أنها حملت قدرا غير قليل من الغباء, والابتعاد تماما عن سلامة التفكير, وربما عكست أيضا مدي اضمحلال الثقافة العامة لدي اللاعب, وعدم وجود ناصح أمين ومخلص يوجهه الي الصواب طالما أن مداركه وثقافته المحدودة لاتساعده علي ادراك عواقب تصرف خاطيء وغير قانوني أو شرعي بشهادة لوائح الفيفا التي تؤكد بما لايدع مجالا لأي شك أو لبس ان تصرف الحضري بهروبه وتوقيعه لنادي سيون خطأ لأن المعروف أن اللوائح تقول أنه لايجوز بأي حال قيد لاعب أو تجديد تعاقده الاخلال فترتين فقط هما نهاية الموسم أو خلال فترة الانتقالات الشتوية, والهدف من وراء ذلك هو عدم حدوث ضرر لأي من الطرفين المتعاقدين النادي واللاعب.. وحالة عصام الحضري حالة خروج سافر وصريح علي هذه القاعدة البديهية.
والأكثر من ذلك أن لوائح الفيفا أيضا لاتجيز رحيل أي لاعب دون اذن من ناديه طالما أنه مازال في فترة سريان عقده.. وتلك مخالفة أخري أقدم عليها الحضري وهو مايعرضه بدون أدني شك ـ للايقاف والغرامة المالية.
ولقد أساء الحضري لنفسه كثيرا, عندما ترك نفسه للسمسار المغربي الذي أوهمه ـ وطبعا بمساعدة رئيس نادي سيون ـ أن موقفه صحيح, وساقه وراءه كما لو كان شخصا غير مدرك لتصرفاته. وتلك مصيبة كبري.
ولو كان هناك ذلك الناصح الأمين الذي أتحدث عنه لكان الحضري قد علم علم اليقين أن المادة16 من لوائح الفيفا فيها القول الفصل إذانها لاتجيز بأي حال من الأحوال انهاء العقد من جانب واحد خلال الموسم, وحتي التفسير الخاصبفترة الحماية المذكورة في اللائحة افهموه له ـ أي للحضري ـ بطريقة خطأ, لأن هذه الفترة تقول أن اللاعب اذا كان عمره أكثر من28 سنة, فانه يمكنه أن يترك ناديه وينهي عقده بعد مرور عامين.. فهل مر العامان؟
لم يحدث ذلك اذ جدد الحضري عقده في يناير2007 ومازال عقده ساريا حتي العام القادم.
لاأريد أن أطيل في التفاصيل في هذا المشهد الدرامي الذي كان له وقع الصدمة علي الجماهير المصرية كلها وليس جماهير ومسئولي النادي الأهلي وحدهم.. لأنه مهما كانت الاغراءات التي وضعها السويسريون أمام الحضري فإنها لاتعادل ولاتوازن ولاتساوي حجم الشعبية والحب الذي كان يكنه له الشعب المصري كله.. أليس هذا رصيدا ماليا ضخما يفوق بكثير ماعرض عليه؟ اعتقد أنه أكثر بكثير فعلا خاصة أن الحضري كان ـ بسم الله ماشاء الله يحصل هنا علي أكثر من ثلاثة أو أربعة ملايين جنيه سنويا وهو مايتيح له العيش عيشة هنيئة, قد يحسده عليها ملايين الغلابة في بر مصر.
والمشهد الثاني.. كان مشهدا رائعا لرد الفعل الجميل من الجماهير المصرية وليس الأهلوية فقط, عندما أظهرت خوفها وقلقها علي نجم مصر.
والنادي الأهلي محمد أبو تريكة الذي أصيب بتمزق وأجري بنجاح جراحة الغضروف في ألمانيا ومن المنتظر وصوله إلي القاهرة غدا.. ولعل اهتمام الجماهير المصرية بالاطمئنان علي نجم مصر يعكس وعي هذه الجماهير ومساندتها لنجوم الكرة المصرية الذين يحسنون التفكير ولا يتخذون قرارات عشوائية أو مفاجئة تتعلق بمصيرهم.. فكم من فرصة لاحت للنجم أبو تريكة ولكنه كان حريصا علي أن يسلك الطرق الشرعية من خلال ناديه ولم ينزلق إلي أي طرق ملتوية تشوه صورته أو تقلل من جماهيريته وحب الناس له.. وهذا هو الفارق بين نجم واع ورشيد وآخر لم تعلمه الأيام ولا خبرات السنين أي دروس حياتية.. ياه يا حضري.. ألم تفكر مطلقا في حياتك المستقبلية في هذا الوطن.. إنها وصمة ستظل مرتبطة بك وبأولادك مدي الحياة, ومهما قلت وادعيت سوء المعاملة من الخواجة البرتغالي مانويل جوزيه وسحبه شارة الكابتن منك, فليس هذا بمبرر كاف لإقدامك علي هذا الهروب.. وإذا كان هذا الأمر قد أثر عليك إلي هذا الحد فلماذا لم ترحل عند نهاية عقدك قبل يناير الماضي؟ ولماذا انتظرت كل هذا الوقت؟..
ألم يكن أشرف لك أن تعلن موقفك في الوقت القانوني والشرعي حتي تتيح الفرصة للنادي الذي احتضنك ورعاك وحققت معه النجومية لكي يجد بديلا لك في الوقت المناسب؟ يا خسارة يا حضري!!
أما المشهد الثالث.. هذا الأسبوع فقد جاء من نجم آخر خلوق ومحترم حصل بجدارة منذ عدة أيام علي لقب أفضل لاعب في إفريقيا وهو نجم الإسماعيلي حسني عبدربه.. هذا اللاعب كان حريصا طوال الأسبوع علي أن يعلن ولاءه وانتماءه للنادي الإسماعيلي ورغبته في الاستمرار معه, وهو الآن يمثل أمام المحكمة الرياضية الدولية في لوزان في انتظار الحكم إما باستمراره مع ناديه الإسماعيلي أو العودة إلي ستراسبورج الفرنسي, وهو جاهز لتقبل القرار أيا كان, وإن كان لم يخف حبه وسعادته بالانتماء إلي قلعة الدراويش.. طراز آخر محترم من اللاعبين الذين نرفع لهم القبعة احتراما وتقديرا ونتمني أن يكون كل نجومنا من هذه النوعية.. نوعية أبو تريكة وحسني عبدربه.. أما عصام الحضري فلا نملك إلا أن ندعو له بالهداية!
موضوع: ثلاثة مشاهد تعكس التفاوتالكبير في تفكير نجوم الكرة عندنا 
الجمعة فبراير 29, 2008 11:55 am